بغداد - الشروق الإماراتية
تكشف لوحات الفنانة العراقية رؤى البازركان وجوها لنساء خالية من الملامح ، لكنها وجوه مضطربة تخفي مأساة تعيشها ، ومثل هذا ظل بعيدا عن متناول الفنانات التشكيليات العراقيات ولكن رؤى تناولت بأسلوبها هذا لترفع الحيف عن بنات جنسها ، فكشفت عن الوجوه والرقاب المائلة تبحث معهن عن خلاص. ولدت رؤى في بغداد وتخرجت من معهد الفنون التطبيقية ، واقامت معارض في صنعاء وعمان وبغداد ، ومازالت تواصل دراستها المسائية في اكاديمية الفنون الجميلة (( الشروق)) التقت الفنانة رؤى وكان هذا الحوار:
ما سر توجهك الى الرسم ؟
بعد مرحلة الطفولة وماخزن العقل من تجارب وخبرات وما احتوى من من افكار وانفعالات امتلا ففاض مافيه وانسكب بأحلام وتعبيرات ملونة على الاوراق وكانت الانفاس الاولى عملا قدمته وانا طالبة في الاعدادية للمعرض السنوي للمدرسة يحكي العمل عن فلسطين، مثلتها بالمرأة تحيطها الدوامات المتصارعة ، فأثارت اهتمام استاذتي الفنانة نجاة بكي وقالت لي انت رسامة واعدة وحصلت على تكريم من ادارة المدرسة ، ومنذ ذلك الوقت اصبحت الفرشاة والالوان تحكي للمشاهدين احاسيسي وصرت احاورهم من خلال لوحاتي.
لمن ترسم المرأة الفنانة؟
المرأة كائن حي متميز بالامومة والحنان والعطاء والتضحية وهذه المرأة لها ردة فعل تعبر عنها، ولكل مجاله في التعبير ،والفنانة ترسم من ذاتها الى ذوات الآخرين، وبما ان الفنانة لايمكنها ان تكون بمعزل عن المجتمع فان تفاعلها يكون من خلال عرض اعمالها.
كيف تنظرين الى خلو الساحة الفنية من ناقدة تشكيلية في العراق؟
المرأة دائما موجودة ومحاولاتها النقدية موجودة وتفجير طاقاتها الفكرية والابداعية متوقف على اصرارها على الرغم من الكبت التاريخي لها ، فهي باعتقادي اليوم تخطو اسرع لان نهوظها الجديد المعاصر سوف يقودها لفرض قلمها في ساحة النقد المقتصر على الرجال، النقد بوصفه رجاليا لا تتوفر فيه المنهجية فكيف بالمرأة؟ اضافة الى ذلك فان النقد ما زال تجربة جديدة ودراسته بدأت متأخرة وبالتأكيد سيرتقي النقد وتتوسع ساحاته.
هل تعتقدين ان الناقد يتعاطف مع النقد التشكيلي ؟
النقد هو عملية بنائية للاعمال الفنية وانارة ريشة الفنان ، والعملية النقدية الجادة والبناءة ذاتها تكون ابداعا. والزمن خير ناقد على ما عرفناه من الفنون التشكيلية في الحضارات القديمة متسلسلا الى يومنا هذا.أما اليوم فقد أصبح النقد فرديا وانفعاليا ضيق الافق محصورا باسماء معينة يكرر نفسه فاقد التجديد والبحث عن كل جديد . والاعمال التشكيلية للمرأة بعيدة عن الساحة النقدية وكأن لوحاتها طبخات منزلية وليست توثيقا تشكيليا وتاريخيا ، ومن هنا اتمنى ان يبدأ حوار جديد مع النقاد التشكيلين والفن التشكيلي المعاصر.
بمن تأثرت رؤى؟
الانسان القديم تأثر بقوى الطبيعة ، بدأ يفكر ويدرك ثم اهتدى الى قدرة الله العظيمة على خلق الإنسان بأجمل صورة الى جمال الطبيعة والوانها الإلهية البهية ، الى حضارتي وتراثي وبيئتي العراقية الاصيلة فتحركت فرشاتي مع شفافية الالوان ودخلت من خلالها الى عالم الافكار الروحانية الملونة والتأملات الصوفية التي تنسجها الالوان والخطوط مسافرة الى شمس السماء.
لماذا الوجوه النسائية ، الرقبة المائلة موضوع طاغ على جميع اعمالك؟
الانسان وحدة متكاملة بحثت فيه فوقعت تجربتي عند الرأس وعالمه ، واختارت الفرشات رأس المرأة كونه عقل ينبض بالعاطفة ، الرأس المليئ بالخبرات والتجاري نراه يقلق ويلتقط ويبث ، يبتكر فيبدع ، يعطي فيرسم لكنه لا يستريح اضنته الافكار المحمولة فيه فمالت الرقبة من ثقل ما يحمل كل هذا قادني لان اجرب على الوجه وتعابيره التي تبصم وتطبع وتحفر ،العواطف مرة تكون ايجابية ومرة الانفعالات سلبية وهي في دورة متناغمة مع ايقاعات الحياة مرة ربيعة مثمرة وتارة خريفية ترمي ماتحمل لتبدأ دورتها مرة ثانية بتجدد.
ماهي التقنيات التي تستخدمينها؟
تتنوع عندي التجارب البحثية لعالم اللوحة المعاصرة، وهذا ما يجعل التقنيات مختلفة بتجاربها المستمرة وبأشتغالات ذهنية فعالة مبتعدة عن التكرار مستند للتجديد.فالالوان الزيتية على الرغم من كثافتها ازيد كثافتها بإضافة مواد مختلفة واجسد الكتل البارزة اما الالوان المائية فهي تجربة رائعة حيث الشفافية والانسيابية توحي بالسكون والصدق ،تضاد الالوان يعطي موسيقى تعبيرية جميلة، ولكل تقنية متعة معرفية جميلة أضيفها لخبرتي المستمرة.
كيف تنظرين الى الجمال؟
جمال الفنان في الشكل والمضمون وبردم الازدواجية الفاصلة بين جمال الفنان الداخلي وبين سلوكه الخارجي ، اي التوازن النفسي اصوغ اعمالي بلمسات شفافة نابعة من داخلي واحولها الى نبع صافي يدركه المتلقي وينجذب اليه ليشرب منه ويرتوي.
هل يفترض بالفنان ان يصوغ موضوع الجمال ويتميز به عن الاخرين؟
الفنان متميز بنظرته الى اقتناص الجمال وهو اكثر الرؤوس حساسية يلتقط الإشعاعات اللونية والشكلية والضوئية والموسيقية من حوله، ويعاني معاناته الخاصة المرتبطة بصدقه الداخلي ونظرته لعمليات التجريب والبحث فيعكس بمرآة داخله هذا الصدق نحو الشكل والمضمون الى لوحة ابداعية.
هل تتقدم موضوعات البيت والأسرة على موضوعات الطبيعة؟
ان الفنان المبدع امرأة او رجل يرسم ليعبر عما سجل بداخله نتيجة لتأثره بما حوله ، كل لحظة اسجلها بألواني هي بالتأكيد مرتبطة مرة في عالمي الصغير الأسرة وثانية مع مجتمعي وأخرى مع فضاءات الكون، ولكل فنان رؤياه يبوح بها، فكل شيئ مكمل لكل شيء ابتداء من القريب الى البعيد وبالعكس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق