اجرى الحوار: حسن حافظ
الفن هو احدى الوسائل التي تصف الحياة وصفا نابضا ، ففي عملية الرسم تستخدم الالوان للتعبير عن حالة شعورية للانسان ، في العقل اللاواعي عند توهجه ، بحيث تغدو الالوان والفرشاة مطاوعة لهذا الاحساس المبهم الداخلي ، واحيانا الاحساس الواضح الجلي ، لكي يأتي الفنان ليسطر تلك الكلمات على اللوحة .. فاذا كان الشاعر يرسم قصائده بالكلمات فأن الفنانين عموما يستخدمون وسائل اخرى.. فهذا يستعمل الالة الموسيقية وذلك الحركة مع الكلمة على المسرح ! واخر تغازل اصابعه الطين او المعادن لصنع تمثال ، فان رحل عن الدنيا بقت هي العلامة المميزة له ! وحين تكون الروح في اشد حالات الانبهار وهي تصنع بغنائية واعدة تلك اللوحة او ذاك العمل الفني الموثق والتي يتشكل بمضمونها الترابط بين الفكرة واللون ، واحيانا بين العقل اللاواعي والفرشاة ، والتي ستجد طريقها وهي تغدو السير يمينا وشمالا او من الاعلى الى الاسفل ، واحيانا في حركات محورية او نصف دائرية ، وفي لحظات انطفاء الزمان والمكان، ويوم تولد اللوحة فأنها تترك ذلك التوهج التراثي المقدس الذي لا ينضب في هارموني بديع، وفي لحظة تأملية رائعة اشبه بما يفعله اتباع بوذا حينما ينسلخون عن الحياة الدنيا نحو الوجه المكتوم للوصول الى حالة (النير فانا) وهي القمة في التأمل ، امامنا الان فنانة كبيرة واعدة هي رؤى البازركان عضوة نقابة الفنانين العراقيين وعضوة جمعية التشكيليين ، شاركت فيما لا يقل عن 22 معرضا مشتركا.. كما اقامت ثلاث معارض شخصية الاول في صنعاء عام 1997 والثاني والثالث في بغداد عام 2000 / 2001 ، وهي تعمل حاليا كمقدمة ومعدة لبرنامج العين الاخرى في قناة البغدادية الفضائية .. وكان لنا معها هذا الحوار :
من يتتبع لوحاتك يجد ان هناك امرين : الاول اهتمامك بالمرأة ، والثاني اهتمامك بالبورتريت الذي يمثل اغلب اعمالك فما هو السر ؟
للمرأة علاقة بي بالتاكيد لانها تمثلني وانا امرأة اما البورتريت فهو لغة الفن ولكنه في لغتي هو الرأس الذي يحمل كل فعاليات الانسان ، هو اشارة للعقل والى ثقل الهموم وثقل المسؤولية مما جعل الرأس يرسم انطباعاته على الوجه الذي يعطي بدوره التعابير الخليطة بين الحزن والفرح وبين التعب وتقدم العمر...
لديك عدة لوحات تحاولين فيها تغطية احدى عيني المرأة باللون فهل تريدي ان تقولي لنا انها تنظر الى الدنيا بعين واحدة ام ماذا؟
هي اصلا لم تفتح عينها الواحدة لكي ترى الدنيا على طبيعتها اذ يمكن القول انها تنظر بباصرتها الداخلية ، بالرؤية الداخلية للامور وليس غير ذلك .
الشعر عند المرأة هو تاج يستقر على رأسها بيد انني اجده في لوحاتك يعاني من لخبطة لونية ، اما الشفاه فممتلئة ، مدببة ، ومدمات احيانا، ترى ما السبب؟
لأن الفن يمثل الجمال فالشعر عندي جمال وهو تصعيد في الافكار ، والالوان تمثل هذا العنفوان !اذ ان لكل فكرة لون معين ، الشفاه المطبقة عندي تعبر عن الصمت المكتوم وهنا مكمن الحديث ، ذلك ان المرأة مكتوب عليها الصمت واترك للرجل التفكير بما لديه من انطباعات.
اجد في اغلب اللوحات لديك ان المرأة كالقطة المغمضة وكأنها غارقة في احلام رومانسية تبدأ ولا تنتهي فما رأيك ؟
انا لا اخطط مسبقا فالعين المغمضة او الشفاه الممتلئة انما تأتي عفويا لعل مردها كما يقول احد النقاد :ان قسوة العالم هي التي تمنعها من الرؤية الى جانب قسوة الاجواء المحيطة بنا عندها تتحول الرؤية من ارهاصات الخارج الى ارهاصات الداخل !
ماهي الالوان المفضلة لديك المائية ام الزيتية ؟
لا استطيع ان احدد لكل منهم مشاعر معينة فالمائية اعتبرها مذكراتي اليومية في سهولة التعبير وسهلة الجفاف بحيث احملها اينما ذهبت ، لكن الالوان الزيتية هي مشروع لايجاد جو خاص بها والمواد المضافة اليها تحتاج الى مكان ثابت يتحرك ضمن حدوده.
المعروف عن الفنان انه يهتم بالزهور اكثر منها بالاوراق والاغصان الا إنني اجد العكس لديك!
يرتبط الامر بفترات من حياتي السابقة حينما كنت اجمع الاوراق واضعها داخل الكتب ، اجدها تحتفظ بشكلها ولونها عكس ما يجري للزهرة من تغير و تفتت فربما الاوراق هي سنوات العمر فالماضي اتعبني ولم اصل لما عليه الان بسهولة . الان فقط بدأت اخطو خطوات ثابتة في الحياة.
هناك حزن استطيع اطلق عليه الحزن الشفاف النقي في لوحاتك لماذا؟
الحزن مرتبط بكل انسان فقدان الاحبة حزن يرافقنا كيف لا انتج الحزن في لوحاتي .. فمن احزاني اني في معرض الاخير فقدت اخى ثاني يوم افتتاح المعرض الذي اقمته في دار فائزة الحيدري للفنون وبدل زيارة الناس معرضي جاؤا يعزوني .
هل تعتقدين ان المرأة الفنانة رؤى مميزة ؟
يشار عني في العائلة مختلفة بميزة التمرد وليس مميزة..لكن انا اعتبر اصراري على انجاز ما اريد هو ميزة ، في السنوات السابقة لم اكن احيا لنفسي الان فقط بدأت احيا لها ايضا اعتبرها ميزة.
في برنامجك العين الاخرى اشعر ان هناك اهتماما خاصا بالباراساكولوجي فما العلاقة بينه وبين الفن ؟
للانسان قدرات من خلال العقل ينظر الى ابعد ما يكون يستجلب البعيد الى القريب والفنان ينشئ لوحة من غيب الى حضور.
جريدة التآخي
العدد : 4610
الخميس 27-10-2005
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق