السبت، 17 يوليو 2010
الخميس، 8 يوليو 2010
لوحات نوال السعدون .. اتجاهات مفتوحة على الحداثة والتغريب
لوحات نوال السعدون .. اتجاهات مفتوحة على الحداثة والتغريب
غازي عانا -نحات وناقد تشكيلي سوري
لوحات نوال السعدون .. اتجاهات مفتوحة على الحداثة والتغريب غازي عانا -نحات وناقد تشكيلي سوري الضيافة (تمر، تين، ماء) إلا أنها بالنسبة للفنانة، تبقى مناسبة مهمة لتقديم ذاتها الإبداعية التشكيلية على جدران مرسمها، والذي أعلنه منتدى للثقافة والفنون، يضاف إلى ما هو موجود ...في حارات دمشق القديمة من حالة ثقافية بدأت تتكرس. (يسرني دعوتكم لزيارة مرسمي).. هي دعوة لطيفة تعكس دعة وطيبة تلك المرأة الفنانة، إلى المرسم الذي تصل إليه عبر حوالي عشرين درجة صعوداً، المطل بنوافذه الواسعة على حارة الدرويش في حي القيمرية بدمشق القديمة. إنه مرسم الفنانة العراقية نوال السعدون، المقيمة ما بين (كوبنهاغن ـ دمشق) وهي المتخرجة في معهد الفنون الجميلة ـ بغداد 1975، وفي أكاديمية الفنون الجميلة في بوخارست ـ رومانيا ـ 1980. تقيم معرضها الدائم في المكان الذي ترسم فيه وتسكنه خلال ترددها على دمشق، أو الإقامة فيها، إلا أنك تكتشف بعد قليل من طريقة استقبالها لك واهتمامها ـ الذي كان عفوياً وحميمياً من تلقائيته ـ رغبتها في التعرف بشكل جيد على الحضور هنا، خلال فترة المعرض، وبالتالي تعريف الفنانين والمهتمين بالتشكيل عموماً، على مرسمها المفتوح للزائرين خلال وجودها فيه، بتأكيدها على تكرار الزيارة لمزيد من اللقاء والحوار، وإن حملت الزيارة الأولى بعض المجاملة والود، وخصوصية وجولة متأنية يستحقها المعرض بما احتوى المرسم يومها من أعمال، تكثف لنا بعض مفاصل تجربة متأصلة، تنزف وجعاً إنسانياً متجذراً، وهي تمتد على مسافة ربع قرن من اليوم، أمضته الفنانة (السعدون) في السفر والترحال بين بلدان عديدة، وأساليب واتجاهات مفتوحة على مزيد من الحداثة والتغريب. هي اختارت لمعرضها البداية من الغرافيك، حيث علقت على الجدار المواجه للمدخل بحدود الستة أعمال، يصعب على المتابع تجاوزها بسهولة، لأهمية الاشتغال فيها على التفاصيل المصاغة بعناية تقنية، وهي هنا كما في أي مكان لم تكن على حساب المؤثرات الجمالية والتي تخفف من وطأة الحزن المتدفق على شكل سيولات من الحبر الأسود، وكأنه يتسلل خلسة من الخلف، أو من عمق المشهد مع الألوان المختلفة التي تفاجئك أحياناً بظهورات بديعة على ندرتها، ولكن دائماً في المكان والزمان المناسبين، محدثة بعض التضادات ما بين انسجام الأسود والأبيض من جهة، وبين إطلالات اللون، معلناً شكلاً آخر من الحزن أو الألم، والذي يصلك عبر مؤثرات جمالية خاصة، وبطريقة غير مباشرة غالباً. هذا الإحساس الذي يرافقك مع معظم اللوحات في هذا المعرض، هو دليل على حالة الصدق التي ضاقت بها روح الفنانة، ففاضت مع مشاعرها على ما احتوت تلك المشاهد من لحظات عفوية وتلقائية، ظهرت بوضوح في أدائها الذي جاء على شكل وشوشات بصرية، لا تلبث أن تتحول بعد قليل إلى دهشة تدوم، ولا تقتصر هذه على أعمال (الغرافيك) فقط، بل تشمل جميع التقنيات المتاحة في هذا المعرض، رغم اختلاف المعالجة والأسلوب، أو الصياغة التي تذكيها الغربة، وتغنيها الفنانة بالسفر والإطلاع، وهي غالباً تتأرجح ما بين التجريد بأشكاله من جهة، وبين تماهي الواقعية في مستويات العمل المختلفة، فلو دققنا النظر ـ بتنويس العينين، لشاهدنا كثيراً من الشكل في قليل من الوقت، وهذا الجزء المختزل من الواقع، دليل معرفة وثقافة بصرية تستند الى الأصيل من الموروث، مع ذاكرة متوقدة ومنفتحة في آن معاً على فضاءات واسعة من التجريب والحداثة، بإشكالية ما يعنيه هذا المصطلح في الزمان والمكان. إن لوحات الفنانة نوال السعدون قد لا تزيدنا إلا غربة، كلما دققنا النظر فيها أكثر، أو رغبة إذا كررنا المشاهدة مرة ثانية، أعمال فيها حنين وأنين، وزحمة العناصر في بعض الأماكن، يقابلها صمت وسكون فيما تبقى من المشهد أحياناً كثيرة، يفصح عن ذلك، التواشج وسكون فيما تبقى من المشهد أحياناً كثيرة، يفصح عن ذلك، التواشج أو التضاد من تصادم الألوان، أو حتى تقابلها على السطح نفسه والتي غالباً ما تفيض على الكادر بعد الشكل، فتزيده ضبابية وإيهاماً، محدثة بذلك ما يشبه الضجيج، الذي نسمعه بعيوننا، على شكل فوضى جميلة تملأ المكان، أو على شكل فسحات من الفرجة البصرية الممتعة. ترى هل ترشق الفنانة ألوانها.. هكذا؟.. أم أنك تعتقد ذلك للوهلة الأولى في الأقل؟.. بالطبع لو فرضنا ذلك جدلاً، فإن هذا الاعتقاد لن يقلل من أهمية أي عمل باختلاف تقنيته، لأن توضع الألوان بتلك الطريقة المفترضة لن يكون هكذا ساذجاً أو عشوائياً، من تقنيتها والزمن الذي يفصل بين تلك الطبقات من اللون فوق بعضها بالتتالي، إلا أن حرارة التعبير من تأثيرها هناك على السطح في خلفية العمل، ما يبرر عبثيتها، وهي تظهر باللمس، كتأثير الجدار في مغارة مهجورة، من وعورة تضاريسه، محتوياً التكوين برحابة وحيوية هذه الدرجة من (الأوكر) ـ الأصفر المدخن التي تصبغ آخر فضاء استقر في الخلفية. فضاء من الأصفر هناك، احتضن جميع الملونات التالية بتأثيراتها المختلفة، موفقاً ومعدلاً فيما بينها، ليحقق التوازن المطلوب أمام حرج التكوين القلق لرشاقة العمل ونهوضه في لحظة لا تتكرر. ربما تلك واحدة من لحظات التعبير الناشئة أثناء الاشتغال على الألوان، والتي لا تتحمل الإعادة، مثل الأحبار والأكرليك وغيرها، على خلاف تقنية التصوير الزيتي التي تستغرق زمناً، حيث تغيب تلك اللحظات، إلا ما ندر تقريباً. نوال السعدون.. تحمل في جعبتها ألوانها، مثلما يحمل القدر الفنانة، ليحط بها هنا تارة وهناك أخرى، ما عدا العراق.. (الوطن) الذي تنسجه ألوانها عشقاً معتقاً، تعيشه مرة في دمشق القديمة، ومرات حلماً يعشش وجعاً في حنايا القلب، يسيل على أبيض القماش أو الورق، مثلما هناك على ضفاف العمر، حيث تنشئ الذاكرة، وتتدفق على الروح على شكل اندفاعات من اللون، لتفصح عن رغبة ذلك الأبيض، أن لا يبقى هكذا موحشاً، حيث تتشكل اللوحة، التي تشبه، ولا تشبه إلا الغربة في الوطن بتنوع أطيافه، وهوائه، وبخصوصية الثقافة التي تميز مبدعيه على امتداد عواصم العالم، الثقافة بمعناها الأشمل، تلك المعارف التي يتلقاها الإنسان منذ بداية وعيه، وتترسخ باللاوعي عبر مجموع الحواس في ذاكرته البصرية. نوال السعدون التي تستمد من تلك الذاكرة قدرتها على الاستمرار والتواصل مع الآخرين من خلال لوحاتها التي تؤكد في كل مرة، إنها كلما ابتعدت عن الوطن، باتت أشد التصاقاً به، وأكثر قدرة على التفاعل بحميمية مع جماليات خصائصه وتفردها. بطاقة شخصية نوال السعدون ـ عضو اتحاد الفنانين العالمي، أقامت ثمانية معارض فردية بين عامي (1978 ـ 2005) في كل من (بوخارست ـ اليمن ـ كوبنهاغن ـ دمشق). ـ أول مشاركة رسمية لها كانت مع جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين بغداد 1975. ـ شاركت في العديد من المعارض المهمة والتظاهرات الفنية في العالم. ـ لها أكثر من مشاركة في بينالات ولقاءات دولية.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)